تقرير لـ QNB: حالات كوفيد-19 الجديدة لا تشكل تحدياً للصين

قال التحليل الاسبوعي الصادر عن QNB: قليلة هي الموضوعات التي تعد أكثر أهمية من الأداء الاقتصادي للصين بالنسبة للشركات في جميع أنحاء العالم. فقد ظل هذا البلد قائداً رئيسياً للنمو في السنوات الأخيرة، عندما كان اقتصاده وراء إحداث عدة موجات من تسريع دورة الأعمال العالمية. في الواقع، ساهمت الصين بأكثر من 4 دولار أمريكي في كل 10 دولارات أمريكية من الناتج المضاف إلى الاقتصاد العالمي خلال دورة التوسع الأخيرة (2009-2019). خلال هذه الفترة، أضاف نمو الصين للعالم مبلغاً يعادل 10 تريليونات دولار أمريكي، وهو أكثر من الناتج المحلي الإجمالي الحالي لليابان وألمانيا مجتمعتين. علاوة على ذلك، كان لتوسع الطلب الكلي الصيني تأثير مضاعف كبير، حيث امتد إلى أسعار السلع الأساسية والأسواق الناشئة والاقتصادات المفتوحة الأخرى، يبدو أن الوضع لا يختلف كثيراً هذه المرة. في 2020، مع بدء انتشار وباء كوفيد-19 في الصين في وقت مبكر من العام، استجابت السلطات بسرعة من خلال الاختبارات الجماعية وتتبع حالات الإصابة بالفيروس وإجراءات التباعد الاجتماعي الفعالة مثل الإغلاق والحجر الصحي. ونتيجة لذلك، تراجعت الحالات الجديدة بشكل سريع في الربع الثاني من العام، مما سمح للاقتصاد “بإعادة الانفتاح” تدريجياً قبل معظم دول العالم.
نمو الناتج المحلي الصيني
كان الانتعاش الاقتصادي، الذي بدأ في الربع الثاني من عام 2020، عقب الانكماش العميق في الربع الأول من العام، مدعوماً بحوافز كبيرة من خلال السياسات النقدية والمالية في شكل تخفيضات في أسعار الفائدة ودعم مالي للشركات واستثمارات في البنية التحتية. على نحو مثير للدهشة، وبعد الانهيار الأولي المباغت لصادرات الصين إلى بقية العالم، أثبت القطاع الخارجي أنه داعم أيضاً للانتعاش الصيني. لكن التعافي الاقتصادي القوي في الصين يواجه حالياً تحديات بسبب موجة جديدة من حالات كوفيد-19 ظهرت في مدينة شيجياتشوانغ، عاصمة مقاطعة هيبي، وهي منطقة في شمال شرق الصين تبعد 180 ميلاً عن بكين. فبعد أن ظل عدد حالات الإصابة الجديدة بكوفيد-19 قريباً من الصفر لعدة أشهر، تواجه الصين الآن مجموعة جديدة من مئات الحالات يومياً. يظل رد الفعل حتى الآن سريعاً وقوياً، بما في ذلك فرض الإغلاق على أكثر من 22 مليون شخص وإجراء اختبارات جماعية في المنطقة. ومن المتوقع أن تمتد عمليات الإغلاق لتشمل مقاطعات أخرى في حال ظهور حالات جديدة، مما قد يؤثر على التنقل والنشاط الاقتصادي العام، في رأينا، هناك ثلاث ملاحظات من شأنها أن تساعد في تقديم تقييم أولي لتأثير مثل هذه الإجراءات على الاقتصاد الصيني.
أولاً، سينتج عن أي ارتفاع حاد في حالات الإصابة الجديدة بكوفيد-19 تأثير سلبي على استهلاك الأسر على المدى القصير. فالأسر الصينية حساسة بشكل خاص تجاه المخاطر الصحية المتعلقة بجائحة كوفيد-19، مما يجعل الأفراد أكثر ميلاً إلى التباعد الاجتماعي لفترة أطول كلما كان هناك تصور بزيادة التعرض للفيروس. وتشير بيانات التنقل ذات التردد العالي إلى انخفاض بالفعل في النشاط خارج المناطق المتأثرة مباشرة بحالات كوفيد-19 الجديدة، بما في ذلك المقاطعات ذات الدخل المرتفع في جنوب شرق الصين مثل غوانغدونغ، وسيؤثر ذلك على قطاعات الخدمات التي تتعامل بشكل مباشر مع المستهلكين مثل الفنادق والمطاعم والسياحة ومحلات البيع بالتجزئة.
ثانياً، من جانب العرض، سيكون اضطراب النشاط بفعل تدابير التباعد الاجتماعي الجديدة محدوداً، وسيسمح نظام الاختبار والتتبع الفعال في الصين بفرض قيود ذات طابع محلي أكثر وبتركيز الجهود للحفاظ على استمرار تشغيل مرافق الإنتاج المهمة، علاوة على ذلك، فإن شركات التصنيع في الصين قد تكيفت بالفعل مع التدابير الوقائية من كوفيد-19، كما أن القيود المحتملة يرجح أن تنفذ خلال الربع الأول، عندما يكون النشاط منخفضاً بسبب موسم العطلات الطويلة المرتبطة بالعام الصيني الجديد.
ثالثاً، من المتوقع أن تكون القيود الحالية والمحتملة قصيرة الأجل. لا يزال العدد الإجمالي للحالات الجديدة منخفضاً للغاية، وتتمتع السلطات الصينية الآن بالخبرة في إدارة الأزمة الصحية، كما أن ذلك مدعوم أيضاً بمستويات عالية من الامتثال والمساءلة لعموم السكان تجاه التوجيهات الوقائية.