في منتدى الإعلام العربي.. الرميحي: الإنفاق الإعلامي تجاوز العسكري.. والزين يؤكد: “الحكومي” يكسب

انطلقت الدورة 18 من منتدى الإعلام العربي، الذي يُعقد على مدى يومين في مركز دبي التجاري العالمي، تحت رعاية الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس دولة الإمارات حاكم دبي، بمشاركة نحو 3000 من قيادات الإعلام العربي، والمفكرين، والكتاب، والمثقفين، ورؤساء تحرير الصحف العربية، والقيادات التنفيذية لمؤسسات إعلامية عالمية، والأكاديميين، وطلبة الإعلام.
وفي مستهلّ الجلسة الافتتاحية ألقت رئيسة نادي دبي للصحافة رئيسة اللجنة التنظيمية للمنتدى منى غانم المري، كلمة رحّبت خلالها بضيوف منتدى الإعلام العربي الذي انطلق بتوجيهات الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، من أجل ترسيخ أسس حوار هدفه تعزيز دور الإعلام لمستقبل أفضل للمنطقة عنوانه التقدم والازدهار.
وقالت: “نجتمع اليوم وقد مرت بصناعة الإعلام العالمية متغيرات كثيرة.. فقد تابعنا منذ أشهر الإعلانَ عن أول قارئ نشرة “روبوت”، في وقت يتأهب فيه العالم لاستقبال الثورة الصناعية الرابعة، التي بدأت دولة الإمارات في اتخاذ التدابير اللازمة لتحقيق الريادة فيها، بمشاريع ومبادرات وبرامج مستقبلية طموحة”.
وأضافت المري: “إن وضع تصورات موضوعية لمستقبل الإعلام، يتطلب مراجعة دقيقة لواقعه.. والنظر في مدى توافق ما يقدمه الإعلام مع ما يتطلع إليه الناس.. والوقوف على مقدار استيعاب التقدم التكنولوجي السريع الذي تواجهه مؤسساتنا الإعلامية”.
واختتمت كلمتها قائلة: “هدفنا مواكبة متطلبات هذه المرحلة، وتأكيد الإسهام الإيجابي للإعلام على كل الأصعدة، بحوار مهني أساسه الشفافية وغايته صالح الإنسان”.
وفي ذات السياق، نوقشت عبر جلسات المنتدى، محاورُ إعلامية مهمة شارك فيها خبراء الإعلام وأصحاب التجارب الملهمة.
وفي الجلسة الافتتاحية المخصصة لوزراء الإعلام العرب، تَحَدّث علي بن محمد الرميحي، وزير شؤون الإعلام في مملكة البحرين، وحسين زين، رئيس الهيئة الوطنية للإعلام، بجمهورية مصر العربية، وأدار الحوارَ الإعلاميةُ بمؤسسة دبي للإعلام “نوفر رمول”؛ حيث تطرقت الجلسة لمناقشة أوجه التطوير التي يجب العمل عليها للنهوض بالمحتوى العربي عبر وسائل الإعلام المختلفة، وضرورة تطوير المؤسسات الإعلامية لا سيما الحكومية منها، وتحديث استراتيجيتها لصياغة رؤية جديدة بما يتوافق مع المستجدات التي تشهدها المنطقة والعالم، وسبل تعزيز مصداقية الإعلام الحكومي، وتعزيز المنظومة الإعلامية الشاملة بشقيها الحكومي والخاص.
وأشار الوزير البحريني إلى أن تراجع الأداء الإعلامي في المنطقة مرده في الأساس تَخَوّف المسؤولين الحكوميين من التفاعل مع الإعلام، وعدم امتلاكهم استراتيجيات واضحة للتعاطي بكفاءة وبصورة مدروسة مع وسائل التواصل الاجتماعي؛ وهو ما يؤثر بشكل كبير في قدرتهم على توصيل رسائلهم إلى أكبر شريحة ممكنة من المجتمع.
وأكد “علي الرميحي” ضرورة التحول من الحديث عن “صناعة الإعلام” إلى التركيز على “صناعة التأثير” بما يتطلبه ذلك من زيادة المخصصات اللازمة لتحديث منظومة الإعلام العربي؛ مشيرًا إلى أن حجم الإنفاق العالمي على الإعلام في العام 2015، تجاوَزَ حجم الإنفاق العسكري للعالم في هذا العام؛ منوهًا بأن صناعة التأثير تشكل جوهر الرسالة الإعلامية التي بات يفتقدها الإعلام العربي.
وأشار وزير الإعلام البحريني، إلى أن حجم القنوات التليفزيونية في العالم العربي لا بد ألا يشكل مصدرًا للهلع؛ منوهًا بأنه يوازي تقريبًا عدد القنوات العاملة في الولايات المتحدة الأمريكية التي يوجد بها نحو 2600 قناة. ولفت الوزير إلى أن الإعلام الحكومي في منطقتنا يتميز عن وسائل التواصل الاجتماعي، بتمسكه بالعادات والتقاليد العربية الأصيلة، كما أنه يتمتع بقدر كبير من المسؤولية التي تفتقدها بشكل كبير تلك المنصات.
من جانبه بدأ رئيس الهيئة الوطنية للإعلام بجمهورية مصر العربية حسين زين، حديثه بتوجيه التحية للشيخ محمد بن راشد آل مكتوم؛ مُعربًا عن تقديره للتنظيم المُحكم لمنتدى الإعلام العربي في دبي؛ كالحدث الأكبر في المنطقة الذي يجمع قيادات الإعلام من مختلف أنحاء المنطقة؛ للتعرف على رؤاهم حول سبل دفع حركة تطوير قطاع الإعلام بما يتناسب مع ما تشهده دول المنطقة والعالم من حولها من متغيرات.
وأكد “زين” أن الإعلام الحكومي ونظيره الخاص يعملان ضمن منظومة واحدة؛ لكن الاختلاف الوحيد قد يكون في المحتوى الذي يقدمه كل منهما للمتلقي الذي يواجه العديد من الضغوط التي يجدها فيما يصله من معلومات عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وتؤدي لزعزعة ثقته في الإعلام الحكومي؛ حيث يجد المتلقي نفسه محاصرًا بمن يشككونه فيما يصدر عن الإعلام الحكومي من بيانات وأخبار؛ على الرغم من تحليها بالشفافية والصدقية والمسؤولية تجاه المواطن، مقارنة بالأخبار التي يتم تداولها عبر منصات التواصل الاجتماعي.
ونوّه بضرورة العمل ضمن مسارين لتوعية الرأي العام المجتمعي تجاه الأخبار التي يتم تداولها في الإعلام، أولهما الأسرة؛ مشيدًا في هذا الصدد بتجربة دولة الإمارات في الاهتمام بالأسرة والرعاية المجتمعية وتنشئة الأجيال الجديدة؛ وهو ما يعزز -إلى حد كبير- الوعي المجتمعي؛ خاصة لدى الأجيال الجديدة التي ستحمل مسؤولية التطوير لسنوات طويلة قادمة، وتخريج أجيال قادرة على الفرز بين الغث والسمين؛ أما المسار الثاني فهو المسار التشريعي الذي يتلاقى مع دور الأسرة في التحكم في مسيرة العمل الإعلامي لصونه وضمان حق المواطن في الحصول على معلومة من مصادر موثوقة.
وحول انتشار الأخبار الكاذبة والمغلوطة، أكد “زين” أن هناك سباقًا محمومًا بين القنوات التلفزيونية على السبق الخبري؛ لكن الصدقية في النهاية يكون مصدرها من الإعلام الحكومي، وعلى الرغم من التشويش الذي قد يصاحب الأخبار الحكومية؛ فإن المواطن يعتمد على المصدر الرسمي، وربما يعود للإعلام الخاص باحثًا عن التفاصيل؛ مؤكدًا أن الحياد والموضوعية أصبحت مسألة نسبية وأصبحت تخضع لتوجهات المؤسسات الصحافية.
وفي نهاية مداخلته أمام الجلسة الافتتاحية لمنتدى الإعلام العربي، قال حسين زين: إن العالم العربي بحاجة إلى منظومة موحدة يمكن من خلالها توحيد الخطاب الإعلامي العربي، والتحدث بلسان حال واحد بشأن مختلف القضايا التي تهم المنطقة وتعنى بمستقبلها.
ومن جهة ثانية بحثت جلسة نقاشية بعنوان “مستقبل الصحف”، واقع وآفاق الصحف المطبوعة في ظل التوجه المتزايد نحو الوسائط الرقمية. وناقشت الجلسة التي أدارتها الإعلامية في مؤسسة دبي للإعلام سحر الميزاري، آليات تطوير المحتوى الصحافي وتعزيز انتشارها عبر مختلف المنصات، مع استعراض بعض التجارب الناجحة على المستوى المحلي والإقليمي.
ويجمع المنتدى العديدَ من قيادات المؤسسات الإعلامية العربية والعالمية والمفكرين والمهتمين بصناعة الإعلام؛ حيث يُعد التجمع السنوي الأكبر في المنطقة العربية، الذي يناقش أبرز ملامح المشهد الإعلامي في الوقت الراهن، والحاجة الملحة إلى تطوير المؤسسات الإعلامية بما يتوافق مع المستجدات التي تشهدها المنطقة والعالم.
وركّزت جلسات المنتدى في يومه الأول على عدد من القضايا الإعلامية، والأهم أنها دعت الإعلاميين إلى التحلي بالمصداقية والتمسك بأخلاقيات ومبادئ المهنة؛ لا سيما في المواضيع الأكثر ملامسة للمجتمعات العربية.