قصر الطاهرة.. هدية الخديو لابنته
تحفة معمارية على الطراز الإيطالي، صغيرة المساحة، كثيرة الأحداث، صنف من بين أفخم القصور في العالم، نقش على جدرانه تاريخ حقبتين من أهم الحقب التاريخية في مصر.
قصر الطاهرة بشرق القاهرة، هو هدية الخديو إسماعيل لابنته الأميرة أمنية عزيزة، في بداية القرن العشرين ولهذا أوكل تصميمه لأشهر المصممين المعماريين آنذاك وهو الإيطالي أنطونيو لاشياك.
السلالم الرخامية والسقف المرمري والمرايا البلجيكية العملاقة، علامات مميزة تركها المصمم الإيطالي على القصر، ورغم صغر مساحته مقارنة مع قصور باقي أمراء تلك الفترة إلا أن لاشياك جعله يحتل مكانته بين أفخم القصور في العالم.
تشير خبيرة الآثار أسماء سعد إلى أن المعماري الإيطالي مصمم القصر له خبرة طويلة في مصر فهو مصمم مباني وسط القاهرة الشهيرة وبنك مصر وأعاد تصميم قصر عابدين بعد احتراقه، ولهذا كان جديراً بثقة الخديوي وابنته.
وضع المعماري الإيطالي بصمته المميزة في تصميم الحديقة المحيطة بالقصر أيضاً ونجح في الموازنة بين مساحة القصر ومساحة الحديقة، وزاد في التميز القطع النادرة داخل القصر فيحتوي قصر الطاهرة على عدد كبير من التماثيل والتحف الرخامية لأشهر الفنانين الإيطاليين في تلك الحقبة التاريخية ولكن أهمها على الإطلاق هو أغلى شمعدان في العالم، وترابيزة بلياردو عملاقة جلبها الملك فاروق إلى القصر بعد أن تملكه في فترة لاحقة.
أهمية تاريخية
القصر كان لوالدة محمد طاهر باشا، ولهذا سمي القصر بالطاهرة، ومازال يحمل هذا الاسم حتى الآن، فقد اعتادت القصور أن تحمل اسم سيدتها وربتها، فكانت أسماء القصور تشير إلى الأنثى التي تقنطه.
لم تقف أهمية قصر الطاهرة عند كونه مقراً لابنة الخديوي بل شهد الكثير من الأحداث التاريخية، أولها أنه استضاف الملك سعود بن عبدالعزيز، ملك السعودية مرتين، الأولى في عهد الملكية والثانية في العهد الجمهوري عندما جاء إلى مصر ليقيم فيه عام 1954. وحسب خبيرة الآثار كان قصر الطاهرة مقر إقامة أرملة شاه إيران في الثمانينات من القرن الماضي، وأقام فيه لبعض الوقت أيضاً رئيس الوزراء الفرنسي السابق ليونيل جوسبان.
أما أكثر الأحداث شهرة عندما اشتراه الملك فاروق ملك مصر والسودان من صاحبه محمد طاهر باشا ليهديه إلى زوجته الأولى فريدة، عام 1941 وأضاف إليه بعض الأراضي المحيطة ليصبح إجمالي مساحة القصر 8 أفدنه، وكان سعره وقتها 40 ألف جنيه، ولكن سرعان ما انتزعه منها بعد انفصالهما وعقب ذلك في العهد الجمهوري كان قصر الطاهرة من القصور التي تم تأميمها وانضمت لممتلكات الحكومة المصرية بعد ثورة يوليو وتم تأميم قصر الطاهرة في العام 1953 ضمن قصور ملكية أخرى.
ليلة تاريخية
في شهر مارس 1954 ليلة قضاها في القصر أول رئيس للجمهورية في مصر، محمد نجيب، والرئيس جمال عبد الناصر للوصول إلى تسوية حول حكم مصر، ولكن اختار قصر الطاهرة أن يتحول جمال عبد الناصر إلى رئيس جديد لمرحلة الجمهورية المصرية.
وتتحدث سمية سعد عن ليال تاريخية أخرى شهدها القصر الفخم، مطمع الأمراء على مر العصور، وذلك عندما بدأ الرئيس المصري أنور السادات في التخطيط لحرب أكتوبر 1973 فالقصر يضم لوحات عملاقة تصور السادات وهو يقف مع القيادات العسكرية يناقشون خطة الحرب التي أعادت لمصر سيطرتها على شبه جزيرة سيناء، وأطلق عليه الأثريون فيما بعد مركز عمليات حرب 6 أكتوبر.
وتم استبدال المرايا البلجيكية العملاقة التي تميز بها قصر الطاهرة في مرحلة لاحقة وحل مكانها لوحات عملاقة تجسد انتصار الجيش المصري في حرب أكتوبر ومرحلة الخطط العسكرية التي سبقت النصر.