يجب ارتباطه بإستراتيجية تمويل واضحة ومستدامة.. ما سيتطلب إصلاحات مالية جوهرية للإيرادات والنفقات
«الوطني»: «الأجيال» الملاذ الأخير لتمويل عجز الميزانية.. لكنه يبقى مؤقتاً

وفي المقابل، أشار التقرير إلى أن ميزانية السنة المالية 2022/2021، التي أقرها مجلس الأمة في يونيو الماضي، ستؤدي إلى حدوث فجوة تمويلية سيكون من الصعب سدادها دون ارتفاع الديون أو السحب من صندوق الأجيال القادمة.
الميزانية الحالية
من المتوقع أن يصل إجمالي الإنفاق إلى 23 مليار دينار، أعلى بنسبة 6.9% عن ميزانية العام الماضي، مع زيادة 20% في مخصصات الإنفاق الرأسمالي إلى 3.5 مليارات دينار وزيادة الإنفاق الجاري بنسبة 4.9%، كما يتوقع أن ترتفع الإيرادات بافتراض وصول سعر النفط إلى 45 دولارا للبرميل بالمتوسط، مع حجم إنتاج متوقع 2.4 مليون برميل يوميا بالمتوسط.
وعلى هذا النحو، سترتفع الإيرادات النفطية إلى 9.1 مليارات دينار بينما ستبقى الإيرادات غير النفطية عند مستويات متواضعة بـ 1.8 مليار دينار، ويقدر عجز الموازنة بنحو 12 مليار دينار، إلا أن القرار الأخير الذي اتخذه مجلس الوزراء بخفض الإنفاق بنسبة 10% على الأقل، ومن المتوقع أن ينخفض العجز إلى 9.7 مليارات دينار.
وعلى الرغم من أن العجز المسجل قد يصل إلى مستوى أقل بشكل ملحوظ عن المستويات المسجلة العام الماضي، إلا ان تمويل هذا العجز لايزال يمثل تحديا في غياب إقرار البرلمان لقانون الدين العام الجديد أو عدم الوصول إلى مصادر تمويل بديلة.
السحب من «صندوق الأجيال»
إضافة لذلك، يتعين على الحكومة سداد نحو 1.1 مليار دينار في شكل سندات مستحقة الدفع في مارس المقبل. ومع استنفاد أصول صندوق الاحتياطي العام تقريبا، بات من الضروري تمرير قانون الدين العام الجديد، إذا لم يتم استغلال موارد صندوق الأجيال القادمة.
ونرى من وجهة نظرنا انه يجب أن يكون استخدام موارد صندوق الأجيال القادمة هو الملاذ الأخير الذي يجب أن يكون مؤقتا ومرتبطا باستراتيجية تمويل واضحة ومستدامة، وسيتطلب هذا بالتأكيد، من منظور طويل الأجل، إصلاحات مالية جوهرية تشمل جانبي الإيرادات والنفقات.
والسؤال الذي يطرح نفسه حاليا هو ما إذا كان مجلس الأمة سيقر قانون الدين العام الجديد أو يقوم بتمرير الإصلاحات المالية الجوهرية، والتي من شأنها أن تجعل الميزانية أقل عرضة لأسعار النفط. إلا ان قيام وكالة ستاندرد آند بورز بخفض التصنيف الائتماني السيادي للكويت للمرة الثانية في أقل من عامين قد يوفر الحافز المطلوب لإجراء مثل تلك الإصلاحات.
وقد يؤدي المزيد من التأخير في إصدار قانون الدين العام الجديد أو التوصل لإجراءات تمويل بديلة إلى خفض التصنيف الائتماني للكويت مجددا، ويعتبر توثيق التعاون بين الحكومة ومجلس الأمة من الخطوات الجوهرية لتسريع وتيرة عملية الإصلاح ووضع المالية العامة على مسار أكثر استدامة.
تراجع الإيرادات
وبالعودة إلى بيانات الميزانية المنتهي في 31 مارس 2021، يتبين أن الانخفاض الحاد الذي شهدته أسعار النفط وانخفاض الإيرادات غير النفطية (وإن كان بمعدلات بسيطة) بسبب تباطؤ النشاط الاقتصادي، أدى إلى زيادة عجز الميزانية، إذ تراجع إجمالي الإيرادات في السنة المالية 2020/2021 بنسبة 38.9% لتصل إلى 10.5 مليارات دينار.
وانخفضت عائدات النفط والغاز، التي مثلت 83.6% من إجمالي الإيرادات، بنسبة 42.8%، فيما يعزى بصفة رئيسية إلى انهيار أسعار النفط (انخفض سعر خام التصدير الكويتي بنسبة 29.3% على أساس سنوي إلى 43.5 دولارا للبرميل في المتوسط) وتراجع إنتاج النفط (-13.7% إلى 2.34 مليون برميل يوميا) على خلفية خفض الأوبك وحلفائها لحصص الإنتاج.
من جهة أخرى، أثرت الجائحة على الإيرادات غير النفطية التي تراجعت بنسبة 6.5% إلى 1.7 مليار دينار. كما تأثرت الضرائب والرسوم إذ انخفضت بنسبة 10.6%، على أساس سنوي، وذلك بعد ضعف أداء الشركات المحلية والأجنبية بسبب تداعيات الجائحة والانخفاض الحاد في إيرادات رسوم الاستيراد بسبب انخفاض الواردات بشكل كبير (-15.8% في عام 2020).
ارتفاع الإنفاق
ارتفعت النفقات الجارية بوتيرة قوية بينما انخفض الإنفاق الرأسمالي بشكل حاد نظرا لتأثره سلبا بتقليص الحكومة للنفقات نتيجة لمشاكل توافر السيولة قصيرة الأجل. إلا أنه على الرغم من ذلك، وبالنظر إلى زيادة النفقات الجارية (بنسبة 3.8% إلى 19.4 مليار دينار)، والتي تشكل الغالبية العظمي من الإنفاق (حوالي 91%)، فقد دفعت إلى ارتفاع إجمالي الإنفاق بنسبة 0.7% على أساس سنوي (إلى 21.3 مليار دينار) على الرغم من أنه جاء أدنى من مخصصات الموازنة التقديرية. ويعزى سبب ارتفاع النفقات الجارية في السنة المالية 2020/2021 إلى النفقات المرتبطة بالجائحة، إذ خصصت الحكومة 0.5 مليار دينار من أموال الطوارئ لدعم تدابير احتواء الجائحة، كما اعتمدت ملحق للموازنة بقيمة 0.6 مليار دينار لتسديد مكافآت الصفوف الأمامية. وباستثناء هذين البندين، انخفضت النفقات الجارية فعليا خلال العام الماضي بنحو 4.8% إلى 20 مليار دينار. وحاولت الحكومة تقليص النفقات الجارية غير المرتبطة بالأجور، إذ انخفضت مشتريات السلع والخدمات بنسبة 10% لتصل إلى 2.9 مليار دينار، بينما انخفضت تكلفة توليد الكهرباء وتقطير المياه بنسبة 11.3% إلى 1.4 مليار دينار مما يعكس جزئيا تراجع أسعار النفط والغاز، إضافة إلى تراجع توليد الكهرباء بنسبة 0.4% في عام 2020. وباستثناء هذا البند، تراجعت المشتريات الحكومية للسلع والخدمات بنسبة 8.8% على أساس سنوي.
41 مليار دينار سُحبت من الاحتياطي العام في 7 سنوات
أشار تقرير «الوطني» أن العجز المتراكم خلال السنوات السبع الماضية أدى إلى استنفاد سيولة صندوق الاحتياطي العام تقريبا، إذ بلغ إجمالي السحوبات 41 مليار دينار منذ السنة المالية 2015/2016. وكشفت تقارير ديوان المحاسبة مؤخرا عن تراجع صافي أصول صندوق الاحتياطي العام إلى 9.6 مليارات دينار بنهاية عام 2020، كما انه بنهاية مارس 2021 وصلت السيولة المتاحة إلى حوالي 1.6 مليار دينار. كما اتخذت الحكومة عدة إجراءات خلال السنة المالية 2020/2021 لتقليص معدل نفاذ سيولة الصندوق وضمان توافرها، من ضمنها وقف التحويلات إلى صندوق الأجيال القادمة ومقايضة الأصول مع صندوق الاحتياطي العام (حوالي 7.5 مليارات دينار). إلا ان ارتفاع أسعار النفط منذ بداية عام 2021 ساهم في تخفيف الضغوط التي يتعرض لها صندوق الاحتياطي العام.