أسباب تراجع المنتخبات العربية في المنافسة على لقب آسيا

فيما بدأ توافد المنتخبات المشاركة على الإمارات التي تستضيف النسخة الـ17 من بطولة كأس آسيا لكرة القدم، في الفترة من الخامس من يناير حتى أول فبراير المقبلين، كشف عدد من الرياضيين عن أسباب تراجع المنتخبات العربية على مستوى المنافسة على لقب البطولة الآسيوية في نسخها الأخيرة.
وفي إطار ملف “الكرة العربية في كأس آسيا.. قليل من الأفراح، وكثير من الأحزان”، يرى المدرب السوري عبدالرحمن الحلو، أن المشكلة في الكرة العربية في آسيا، أن مستواها يتراجع، وذلك من وجهة نظره، يعود لسببين؛ الأول يتمثل في أن منظومة الاحتراف ليست كاملة بنسبة 100 %، والنقطة الثانية بسبب عقلية وتفكير اللاعب العربي.
وأضاف الحلو: “بينما نجد في كوريا الجنوبية واليابان وأستراليا على سبيل المثال، أن اللاعب يبدأ تكوينه من عمر الست سنوات، فإن تراجع الكرة العربية الآسيوية ومنها سوريا على سبيل المثال، يعود إلى الكثير من الأسباب أذكر منها أننا نلعب أمام فرق ومنتخبات ضعيفة، وهو ما يجعلنا نقف عند نقطة معينة، بينما تخوض دول آسيوية أخرى منها فيتنام وتايلاند والصين، مباريات قوية خارجية.
وهناك اهتمام كبير بالفئات العمرية لتلك البلدان عكس العرب الذي يكون التركيز فيها على المنتخب الأول في المقام الأول“.
وتابع: “انطلاق عدد كبير من لاعبينا للعب بالخارج للظروف الحالية بسوريا، جعل هناك أكثر من لاعب يبزغ نجمه لأنه وجد الاحتكاك الخارجي الجيد، وهو ما عاد على المنتخب السوري بالفائدة في الوقت الراهن بوجود عناصر جيدة يمكنها تقديم كرة جيدة، ولكن لن نصل إلى المنافسة على كأس البطولة للفوارق الكبيرة التي تأتي في مصلحة منتخبات أخرى كثيرة بالقارة الآسيوية، ومنتخبنا يعتمد على الحماس والروح فقط دون وجود خطط مبنية على قاعدة صلبة، وحدودنا في آسيا التأهل للدور الثاني فقط، وحاليًا نمتلك منتخبًا جيدًا“.
كذلك قال المدرب الأردني جمال محمود، الذي قاد منتخب فلسطين للتأهل لكأس الأمم الآسيوية في النسخة الماضية في أستراليا: “نمتلك المواهب ولكن لا نملك صناعة الاحتراف في بلاد الشام”، وأضاف مدرب الوحدات الأردني السابق، أنه “من المؤسف أن المنتخبات العربية لم تحصل على الكم الكبير في أمم آسيا“.
وقال محمود: “أعتقد أن الكرة العربية تمر بحالة من سوء التخطيط وسوء التنظيم، وأن الاهتمام أكبر على مستوى الأندية على حساب ومصلحة المنتخبات، ونحن في بلاد الشام (الأردن وسوريا ولبنان وفلسطين) طموحنا الوصول بالحد الأقصى إلى قبل النهائي، باستثناء المنتخب العراقي طبعًا، وأرى بشأن المنافسة مع شرق آسيا وغرب آسيا، أن هناك فجوة كبيرة بين الشرق والغرب“.
وأضاف: “نمتلك المواهب ولكن لا نملك صناعة الاحتراف في بلاد الشام، واللاعب العربي بشكل عام يمكن تقسيمه إلى مجموعات، منها مجموعة المشرق العربي، وهم الأقرب للاحتراف بحكم الموقع الجغرافي وقربهم من المدرسة الفرنسية والإيطالية، بخلاف لاعبي بلاد الشام ولاعبي الخليج العربي حاليًا من خلال توفر المادة والاحتكاك على مستوى أعلى، جعلت هناك نوعًا من الاهتمام وارتفاع المستوى، وما زلنا نحتاج إلى سنوات سواء على مستوى التخطيط أو الاحترافية للاعب والمدرب والمنظومة الإدارية، ونحن نعيش حالة من التخبط الإداري، على المستوى العربي بحاجة إلى دراسة كي ينعكس على المستوى الفني؛ لأننا نمتلك مواهب جيدة في الملاعب“.
ويقول التونسي بلحسن مالوش، المخطط والمدير الفني لدى الاتحاد الأردني، إن الإعداد الخاص بالمنتخبات الوطنية مهم للغاية، وأضاف: “لابد من متابعة الانتقاء الخاص بلاعبي منتخبات أستراليا واليابان وكوريا الجنوبية وإيران في السنوات الأخيرة، فهؤلاء اللاعبين ضمن أفضل الأندية الأوروبية، ولديهم احتكاك كبير، في حين أن الكثير من الدول العربية يكتفي باحتكاك الجيران، وهو احتراف لا يرقى للمستوى القاري الكبير، ونادر جدًا ما نجد لاعبًا يحترف خارجيًا ضمن أندية مرموقة وذات قوة في أرض الملعب“.
وأضاف مالوش: “الخبرات التنافسية للاعبين تختلف من شرق آسيا عن غرب آسيا، ونجد الفارق كبيرًا جدًا في هذا المجال، وحتى عندما تفوز السعودية مثلًا؛ فإن ذلك يأتي لقوة الدوري السعودي والدعم المادي القوي للأندية والمنتخبات، وكذلك عدد سكان المملكة العربية السعودية، وبالتالي فإن ذلك يكون أمرًا منطقيًا“.
وانتقل التونسي مالوش إلى نقطة أخرى قائلًا: “الأندية العربية لا تعمل بشكل جيد في المراحل السنية، حيث لا يتم استثمار اللاعبين الصغار من خلال وضع مدربين على مستوى، وأن تمنح الاتحادات الاهتمام الجيد لهم بمنافسات طويلة، ومنح المدارس الأوروبية الفرصة للمعايشة والتدريب مثلما فعلت اليابان مثلًا، فهي تشهد بعد بزوغ هؤلاء الصغار، وكلاء لاعبين محترفين بمعنى الكلمة وليسوا تجارًا مثلما هو الحال في منطقتنا العربية.”
وأضاف: “المواهب موجودة في المناطق العربية لكنها تحتاج إلى من يصقلها ويضعها على الطريق، ولابد لهم من الاحتراف الخارجي في أوروبا حتى وإن كان في فرق درجة ثانية لأنها في كل الأحوال أفضل من الكثير من المسابقات العربية.”
أما أحمد خلف مساعد مدرب المنتخب العراقي، فقد فتح باب الأمل أمام المنتخبات العربية في النسخة 17 من البطولة الآسيوية، وطالب بأن تولي المنتخبات العربية اهتمامًا كبيرًا بهذا الحدث القاري الكبير.
وقال خلف: “لدينا في مجموعتنا على سبيل المثال حاليًا منتخب قوي وهو المنتخب الإيراني، ومنتخب فيتنام المتطور، ولابد للنظر إلى هذه الأمور بمنتهى الواقعية، فدول مثل اليابان وكوريا وأستراليا لديهم الحضور الدائم في كأس العالم، ولدى هذه المنتخبات تحديدًا التخطيط على مستوى عال جدًا، ويسبقون الدول العربية في مجال بناء اللاعب والتحول إلى العقلية الاحترافية، وكرة القدم حاليًا رأسمالية بحتة، ونحن بعيدون جدًا عن هذا المستوى“.
وتابع: “يجب أن يتواجد في المربع الذهبي في نهائيات آسيا أكثر من منتخب عربي خاصة من منطقة الخليج في حال توفر إقامة معسكرات طويلة الأمد، وإقامة مباريات على مستوى عال، وتركيز اللاعبين فقط على كرة القدم وهو ما يجعلنا نؤكد ضرورة أن يعيش اللاعب حالة الاحتراف الحقيقي بما تحمله من معنى، لأننا نمتلك المواهب التي تحتاج إلى عمل أكثر، ولدينا مدربون عرب جيدون ولكنهم يحتاجون أيضًا إلى احتكاك خارجي سواء مع المنتخبات أو من خلال الدورات؛ كي يعود ذلك بالنفع على منتخباتنا العربية.”
وأضاف: “علينا أيضًا أن نثق في قدراتنا وأن نخوض تنافسًا حقيقيًّا مع الآخرين لأن الفجوة بسيطة حاليًا بين كافة المنتخبات، والفجوة في اللعبة أصبحت أقل من الزمن الماضي، وأضف إلى ذلك، ضرورة أن نجعل احتكاك اللاعب العربي بالمدارس الآسيوية والأوروبية واللاتينية قائمًا ومكثفًا، سواء من خلال دورات للمراحل السنية أو من خلال إقامة معسكرات خارجية مع خوض مباريات مختلفة معهم.. وآخر التوصيات هي إيفاد مدربين عرب للمدارس التدريبية المتطورة عالميًا لمدربي المراحل السنية وأن تكون هناك فترات معايشة مهمة وإيجابية وفعالة وأن يكون انتقاء المدربين عن كفاءة في المقام الأول