أخبار العالم

لعبة «الصغار» تكبد الأسواق العالمية خسائر أسبوعية وشهرية

فيما يبدو أن اللعبة لم تنته بعد.. لعبة الأسواق وحمى المضاربات.. فحتى الخبراء المتمرسون لم يتوقعوا في مستهل تحليلاتهم وتوقعاتهم لأداء الأسواق العالمية خلال يناير المنصرم، أن تكون نهاية شهر «نتائج الأعمال»، وبشائر العام الجديد، بهذا الشكل القاسي والحاد في التقلبات والخسائر.. حتى صناع الدراما والإثارة في هوليوود لم يتصوروا تفاصيل القصة المثيرة الشيقة التي بدأت تفاصيلها في تطبيق إلكتروني مغمور يستخدمه صغار المتداولين في «وول ستريت» يدعى «ريديت».. القصة لم تنته.. وربما لن تنتهي قريباً بعد أن امتدت وتشعبت لتخرج من سوق الأسهم الأمريكية إلى أسواق السلع والخدمات، ومنها إلى أسواق العالم أجمع.. قصة لا يعرف أحد بالضبط على ماذا ستنتهي؟!!؟؟.. ولا كيف ستنتهي؟!!.. ولا متى ستنتهي؟!!.. غير معروفة النهاية إلى الآن.. «جيم نوت ستوب».

كثير من الجنون.. كثير من الإثارة.. كثير من الغموض.. ثم بوابة كبيرة وعميقة من علامات الاستفهام.. ليست ك «بوابة إبليس» الهوليوودية.. ولن تكون كسابقاتها من محاولات «حروب صغار المستثمرين» ضد «الأباطرة الكبار» في أي سوق.. هي بالأساس ليست هوليوودية لأنها ولدت وشبت واشتعلت في نيويورك، ثم انطلقت للعالم، لتقدم نموذجاً ربما ستجد فيه كليات الاقتصاد المتخصصة مناخاً خصباً للدراسة والتعمق في فهم أبعادها.. كرة النار لم يشعلها المستثمرون الصغار.. لكنهم قبلوا بالإمساك بها وإعادة رميها.. ومن وقتها لم تتوقف.. ولم تنطفئ النار.. والمباراة ممتدة على امتداد الأسواق.. أسهم.. سلع.. خدمات.. لا تنتظر «جيم ستوب».. فاللعبة

تسري في «وول ستريت» وفي غيره من أسواق الأسهم، ممارسة شائعة تقوم بها صناديق التحوط الكبيرة بغرض جني المال، وهي بيع أسهم شركات معينة على المكشوف بكميات كبيرة لينخفض سعرها ويفزع حاملوها من صغار المتداولين الذين يبيعون السهم سريعاً ظانين أنهم بذلك يضعون حداً لخسارتهم، ما يدفع سعر السهم للتراجع أكثر وهو ما يصب في مصلحة الصناديق التي تعيد شراء تلك الأسهم لاحقًا بأسعار أرخص لتغطي مراكزها المكشوفة لدى شركات الوساطة، وفي الأسابيع الماضية حاول عدد من الصناديق تنفيذ اللعبة ذاتها على أسهم إحدى الشركات المدرجة بالسوق الأمريكي «جيم ستوب»، ولكن هذه المرة لم يخف صغار المتداولين، ولم يتخارجوا من السهم، بل على العكس تجمعوا عبر صفحة في تطبيق «ريديت» واتفقوا على شراء السهم بقوة ليرتفع سعره، وهو ما حدث بالفعل، لتقع بعدها الصناديق في فخ عدم القدرة على تغطية مراكزها المكشوفة، فوصلت خسائرها حتى يوم الخميس الماضي 71 مليار دولار، وإذا أضيفت لها خسائر الجمعة، تزيد إجمالي خسائرها على 100 مليار دولار.

ولكن ماذا عن «جيم ستوب»؟

في شهر إبريل 2020 كانت شركة ألعاب الفيديو والأجهزة الإلكترونية «جيم ستوب» التي سجلت خسارة قدرها 470 مليون دولار في 2019، تعاني كغيرها من الشركات التي تأثرت سلباً منذ بداية وباء «كوفيد 19»، بل فاقم الوباء من معاناة الشركة التي تعتمد على متاجرها الحقيقية الموجودة على الأرض، على إثر اتجاه أغلب المستهلكين إلى التعامل مع التجار الإلكترونيين للألعاب، ومنذ عام 2015 والسهم في انخفاض مطرد قبل أن يصل إلى 3.25 دولار في مطلع أبريل 2020، ولم تفلح كافة محاولات مجلس الإدارة في وقف نزيف خسائر الشركة حتى جاءت بداية يناير المنصرم إذ قررت «جيم ستوب» تعيين أحد مستثمريها الرئيسيين، ويدعى ريان كوهين، واثنين من مساعديه، في مجلس إدارة الشركة، ما أسرى التفاؤل بين المستثمرين الأفراد بمستقبل الشركة خلال الفترة القادمة، ليرتفع سهم «جيم ستوب» بأكثر من 50% بعد يومين من تعيينه، ليصل إلى 31 دولاراً، وفي هذه اللحظة، انتبهت صناديق التحوط ل «جيم ستوب»، وراهنت على تراجعه مؤكدة أن المستثمرين الصغار واهمون وتعتريهم السذاجة، لأن فرحتهم بانضمام «كوهين» أعمتهم عن الحالة السيئة لأصول الشركة، وبرامج عملها المندثرة، وعلى هذا الأساس اقترضت تلك الصناديق كميات ضخمة من سهم «جيم ستوب» وباعتها على المكشوف على أمل أن ينخفض سعره بعد أن ينفض الجميع من حوله، وهنا تكالب المستثمرون الأفراد واشتروا السهم حتى ارتفع سعره خلال الفترة من 12 وحتى 29 يناير، 1842%، لتتجاوز قيمته 500 دولار للسهم قياساً إلى 3.25 دولار قبل انضمام كوهين وتصبح الصناديق مطالبة بإعادة الأسهم التي اقترضتها للشركات الدائنة وتغطية مراكزها المكشوفة وهو ما يعني أن خسائر مليارية لن تكتفي بهز السوق فقط بل ستخرج منه صناديق كبرى مفلسة بلا جدال.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى